الحلقه الاولى
الروح .. طائر غير مرئى ب اجنحته يعبر الحدود يتنقل من مكان لمكان دون شروط , يبحث دائما عن مكمله فهو كمثل القمر يمر بدورته القمريه حتى يكتمل يصبح بدر ينير الوجود , توقفتنى مقوله احدى الاشخاص لى ان الارواح تتلاقى المشابهه منها تمتزج ب روحنا وتكملها والنافره منها تبتعد حتى تختفى من حياتنا , ف ادركت أن الروح المشابهه لنا لا نراها ب اعيننا ولكننا نشعر بها فهى التى لا تتركنا ولا تتخلى عنا و لاتغيب تشعر ب الأمنا دون أن نشكى فتلازمنا فنصبح روح واحده فى جسدان , كثيراً منا توهم بروح تنقذه وهى كانت تحرقه ف البعض الحظ يحالفه بوجودها والبعض يتألم لفراقها والبعض يستمر فى البحث عنها ف تيقنت ان منذ خلق الوجود والانسان يشعر ب انه غير مكتمل حينها يدرك بنقصان فى روحه فتبدء رحلته فى البحث عن مكمله فى البحث عن تؤام روحه ...
______________________
فى يوم مشمش فى شهر سيتمبر الجميع يتجهز ل استقبال العام الدراسى الجديد بدايه جديده ب امل جديد ب قرارات جديده بمجهول لا نعلم ماهيته , فى محافظه "الشرقيه" وبالتحديد فى جامعه "الزقازيق" بـ مدينه "الزقازيق" نتوجهه الى المدينه الجامعيه حيث المكان التى يجتمع فيها طلاب من جميع المحافظات الاخرى هولاء لم يحالفهم الحظ ليلتحقوا ب كليات فى محافظتهم بسبب المجموع والنظام الفاشل المسمى "بالتنسيق" .. وبالرغم ان المدينه الجامعيه مكان لكل مغترب عن محافظته واهله فيوجد ايضا فيها مغتربين عن منازلهم القريبه منها ومثال ذلك كلا من "محمود " و " كرم " كلاهما ذو بشره القمحيه والعيون البنيه ب اختلاف الشعر ف "محمود" يقصر شعره "زيرو " دائما لذلك لا يحتاج ان ينظر فى المراه غير "كرم" متقاربان فى الطول هما طالبان ف السنه الرابعه كليه تجاره , جمعتهم الظروف ربما ..جمعتهم الصداقه ربما ..جمعتهم الدراسه ربما واكن الاكيد ان كلا منها وجد نفسه فى الاخر واجتمعت ارواحهم الممزقه سويا وامتزجت ف اصبحا لا يقترقان ف القدر جمعهما , ف حقا لا يشعر بك الا من مر بنفس ظروفك وعاش حياه مشابهه لحياتك ليقدر حجم الالمك ..!
فى غرفه فى المدينه الجامعيه المقيم فيها كلا من "محمود" و"كرم" , كان " كرم" يتحرك ذهابا وأيابا فى الغرفه امام باب الحمام واضعا يديه ضاغط على معدته يتلوى
- "محمووود" كل دا فى الحمام فى غيرك عاوزين يستخدمو حقهم الانسانى يا بنى ااادم
فتح باب الحمام وخرج "محمود" : ايه الازعاج ع الصبح دا
اتجه "كرم" مسرعا الى الحمام وبعد دقائق خرج ممسكا علبه سجائر :
-قول بقى انك كل دا كنت بتصتبح مش عارف انا ازاى يجيلك نفس تشرب سجاير فى الحمام وبعدين مش انت ياعم قلت هتخفف السجاير على اساس انها مضيعه للفلوس وللصحه و ...
- هشششش .. ايه الصوت العالى دا وطى صوتك
سحب " محمود" من يد " كرم " علبه السجائر وجلس على الاريكه بجوار النافذه واشعل سيجاره واطلق تنهيده مليئه بالدخان ..لاحظ "كرم" تغييره ف اقترب منه وجلس بجواره :
_ "محمود" انت روحت تشوف أبوك امبارح صح ؟
ضحك "محمود" ضحكه عاليه مليئه بالوجع : ايوه ورجعت بالبشاره
_ خير ؟
نظر "محمود" الى " كرم" وملامح الحزن والضيقه على وجهه: الحج عقبال عندك هيتجوز
تفاجئ "كرم" : هيتجوز ... دى امك لسه مكملتش 4 شهور ؟
_انت قولت اهو امى مش امه .. يعنى براحته يتجوز اصله مش عاوز يكون لوحده
امسك "محمود " علبه السجائر وأشعل سيجاره اخرى فسريعا امسك "كرم" من يديه السيجاره ووضعها فى كوب المياه امامه : مينفعش كده يا محمود انت بتحرق نفسك ياابنى _ عاوزنى اعمل ايه مفيش قدامى غير السجاير اطلع همى فيها
_ دا مش حل يا "محمود"
اطلق "محمود" تنهيده : بعد ما طردنى بعد نتيجه الثانويه علشان كنت عاوز اكمل تعليمى وهو عاوزنى اشتغل معاه ف الورشه ولما رفضت شاطنى ع الشارع ولا فكر فى الست المريضه الل هى أمى انا افتكرت انه بعتلى علشان يطلب منى ارجع البيت واقعد معاه طلع باعتلى علشان يبلغنى انه هيتجوز الاسبوع الجى .. لانه ياحرام يشعر بالوحده
ملامح ونبره صوت "محمود" اسكتت "كرم" فهو لا يعلم ماذا يفعل وهو يرى صديقه محطم من أقرب الناس اليه والده وتذكر يوم أمس عندما اتاه احدى اقاربه وابلغه ب ان والده يريد ان يراه والسعاده اللحظيه فى وقتها فتبخر كل شئ الان , وضع "كرم" يديه على كتف "محمود"
- متزعلش يا صاحبى
ضحك "محمود" ضحكه سخريه : لا لا وهزعل ليه دا حقه والحمد الله انه صبر ع الست الغلبانه لغايه ما ربنا اخد امانته بدل ما كانت تموت من القهره وهو جايب واحده تانيه ف بيتها .. الله يسهله طريقه وحياته ومراته الجديده ..
تنهد "محمود" ونظر ل "كرم" وجد ملامحه حزينه ف ابتسم :
_ ايه يا "ابو الكرم" انت مالك قالبها دراما ليه دا العادى الل بيحصلنا هتكون متوقع ايه يعنى وبعدين ما الحال من بعضه انت ناسى انك شبه مطرود زى حالاتى بسبب اخوك الكبير وابوك بيبعتلك الفلوس ف السر من وراه ...
_ ع رأئيك حالنا لا يسر عدو ولا حبيب
_لكن انت احسن منى ابوك فكر ف مستقبلك يا "كرم" انما ابويا فكر فى نفسه
تنهد "كرم" واجمع شتاته: ايه النكد دا فكك كده ويلا ننزل نفطر ونروح الكليه خلينا نبدء السنه دى بشويا تفائل هتقولى نجيبه منين هقولك من الهوا طبعا هو حليتنا غيره
ابتسم "محمود" على حديث "كرم": ايوه كده يا "حوده",, احنا يا صديقى يوم ما القدر ما جمعنا سوا واحنا عاهدنا نفسنا ان احنا هنبنى حياتنا بعيد عن اهلنا صح
ابتسم "محمود" : نبنى وماله بس قبل مانبنى انت الل هتحاسب ع الفطار انا مقشفر ومينفعش نبنى ع معده فاضيه دا كده الاساس هيلكلك مننا
ضحك كرم : دا كله الا الاساس ..انت طول عمرك مقفشر يا "حوده "
ذهب كلا من "محمود" و "كرم" الى الكليه وكالعاده كان اتجاههم اولا الى الكافتيريا وقاموا بطلب وجبتين من الافطار وبعد ذلك ذهبوا الى محاضراتهم ...!
بعد الانتهاء من المحاضرات رجع كلا من "محمود" و "كرم" الى السكن فى المدينه الجامعيه قاما بتغير ملابسهم ثم ذهب كلا منهم فى وظيفته المسائيه فكان يعمل "محمود" فى كافتيريا ويعمل "كرم" فى بنزينه ...!
دخل "محمود" الكافتيريا ببهجه وابتسامه مشرقه على وجهه, كعادته كلما يزيد الوجع كلما ضاعف من ابتهاجه وابتسامته حتى لا يجعل الاخرين ينتبهون اليه فهو معروف بخفه دمه , ولكن مهما كان يفعل لكى يخفى عن الجميع الا ان وجعه ينكشف امام اثنين , "كرم" صديقه المقرب و " سوسن " فتاه ذات البشره البيضاء والعيون الخضراء يتهاتف عليها الشباب ولكن قلبها يملكه "محمود" فهى ابنه مالك الكافتيريا وتعمل معه بها والانسانه الوحيده التى انفتح لها قلبه عن الاخريات ..!
بدل "محمود" ثيابه واستلم "الشيفت" من زميله وذهب ليعد ترتيب الطاولات وكان يدندن مع اغنيه .. اقربت منه "سوسن" :
- ايه الروقان دا كله ؟
نظر اليها مبتسما : حد يشوف القمر وميبقاش رايق ..حد يشوف احلى ورده ومبيقاش طاير من السعاده
اقتربت "سوسن" خطوتين اتجاه "محمود" ونظرت بقرب من عنييه فارتعشت عينيه
_ "سوسن" فى ايه انتى بتشبهى عليا ولا ايه
_ لا بس انت فيك حاجه وبتحاول تخبيها عليا وبتحاول بذمه اوى فى ايه ؟
تجاهل "محمود" تلميحات "سوسن " وذهب الى طاوله اخرى فذهبت وراءه "سوسن"
_ فى ايه يا "محمود" ؟
_ "سوسن" عندى شغل ومش ناقص ابوكى يزعق كل مره بيقول انا ببوظ اى شيفت بمسكه وميعرفش ان بنته هى الل مبوظانى انا شخصيا بعمايلها ..يلا روحى شوفى شغلك
_ كده ... ماشى يا "حوده" بس اعرف انك مش هتروح انهارده غير لما تحكيلى هحبسك لو حكمت فاهم
اطلق "محمود" ضحكه عاليه واقترب من "سوسن " وبصوت خافت : انا موافق لو هتحبس معاكى ولوحدينا والشيطان ثالثتنا يااااه هتبقى حبسه العمر ساعتها ابوكى هيودينى ل امى ع الطريق السريع وابقى شهيد "سوسن"
ضحكت "سوسن" ثم ركلته فى رجله : ايه ياواد الاستظراف دا انا بتكلم بجد
نظر "محمود" بالقرب من عينيها: وانا بتكلم بجد انا موافق اتحبس معاكى العمر كله
ابتسمت "سوسن" خجلا من حديث "محمود" وذهبت مسرعه وتركت "محمود" وع وجهه ابتسامه حقيقيه نابعه من قلبه وليست مجامله .. وعاد الى عمله ...!
كان "كرم" وصل فى الموعد لعمله وبدل ملابسه واستلم هو ايضا "الشيفت" وذهب ل اصدقاءه فى العمل وجلس وكان فى هذا الوقت منشغل البال على صديقه " محمود" مرردا " ياترى هتفهم سوسن الوضع هى وابوها ولا هتتعقد معاك يا حوده "
كان "محمود" يتهرب من الحديث مع "سوسن" فكان فقط يرسل لها ابتسامات ويهرب عندما تحاول فتح اى حوار بينهم ... استغل "محمود" ازدحام المكان وخرج ليدخن سيجاره وابلغ زميله ان يكون مكانه لدقايق وسيعود, وقف بالخارج واشعل سيجارته وكان يطلق الدخان بقوه ويتنهد بشده وينظر الى السماء وقبل انتهائه منها سمع صوت خلفه : انا قولت الموضوع كبير
استدار خلفه ف تفاجئ بوجود "سوسن" : انتى بتعملى ايه هنا ؟
_ كنت بخرج الزباله ولمحتك بالصدفه انت بتعمل ايه وسايب شغلك ؟.
اسرع "محمود" من اطفاء السيجاره : انا كنت بشرب سيجاره وداخل ع طول اهو يلا
ابتعد "محمود" خطوتين وف الخطوه الثالثه امسكت "سوسن" ذراعه : مش هتقولى فى ايه؟
استدار "محمود" وع وجهه ابتسامه: مفيش صدقينى
اقتربت منه "سوسن" : بص فى عينى وقول وحياتك مفيش حاجه
وقف "محمود" ولكن لم يستطع الصمود للحظات واستدار وجهه :
- مش قولتلك انا فى حاجه يا "محمود" .. مالك فى ايه ..من امتى بتخبى عليا ها ؟
الابتسامه اختفت من على وجه "محمود" واطلق تنهيده : مش عارف اقولك ايه ؟
- قول اى حاجه قول كل حاجه جواك مخبيها وانا هسمعك هى دى اول مره نتكلم
نظر "محمود" ل "سوسن" وبعد تردد للحظات كان فى صراع مع نفسه فقرر "محمود" اتخاذ القرار : "سوسن" انا هتكلم معاكى فى موضوع كده كده هتعرفيه فتعرفيه من دلواقتى افضل من بعدين
ارتسمت ملامح "قلق" على وجه "سوسن" : فى ايه ؟
نظر اليها "محمود" : احنا لازم نسيب بعض يا "سوسن" علاقتنا دى لازم تنتهى
انصعقت "سوسن" من حديث "محمود" : ايه .. بتقول ايه .. نسيب بعض .. ليه ؟
استجمع "محمود" شجاعته وبلهجه جاده : انا كنت واعد ابوكى ان السنادى هخلص امتحانات وهجيب ابويا ونتقدم رسمى وبعد ظروف وفاه امى .. ابوكى قالى بعد السنويه تتم الخطوبه.. صح
سوسن بملامح حزن : ايوه دا كان اتفاقك مع بابا ايه الل اتغير
بملامح حاده وبنبره حزينه اجاب "محمود" : الل اتغير انا كنت فاكر نفسى زى البنادمين الطبيعيين عندى اهل يقفوا جنبى لكن بعد زياره ابويا امبارح اتاكدت ان انا مليش اب ولا اهل يقفوا جنبى وابوكى مش هيرضى بواحد بطوله كده من غير اهله ...
_فى ايه حصل ؟
_ ببساطه روحت امبارح ل ابويا افاتحه ف موضوع الخطوبه والاتفاق الل اتفقت عليه لاقيته هيتجوز الاسبوع الجى ولما حاولت افاتحه قالى انه مش هيجى معايا ف اى مكان وللحظه الل خرجت فيها من البيت اعتبر ان معندوش ولد اسمه "محمود" و حقى فى ورث امى قالى ملكش حاجه قال ايه هى بعتله نصيبها ومكنش عندها دهب يعنى من الاخر مش معايا من ابويا غير اسمه ولو عليه كان اخده ..وانا يا بنت الناس مش عاوز اربطك جنبى اكتر من كده وابوكى ميستهلش منى اعمل فى بنته الوحيده كده وهو مأ منلى ع بنته وشغله وفى الاخر اكون عيل ف نظره ..
سوسن بدموع تتساقط من عنيها : ببساطه كده عاوز تسيبنى يا "محمود" ببساطه كده تقولها نسيب بعض ...هنت عليك
امسك "محمود" كتف "سوسن" ب يديه الاثنين ضاغط عليها وملامح حزن ع وجهه : انتى فاكره انى قولت كده بسهوله ..انا قلبى بيتقطع وانا بقول كده بس العقل بيقول كده انا فعليا مش معايا حاجه اخطبك بيها حتى تمن الدبلتين مش معايا انا شبه "كرم" الل بيصرف عليا من فلوس الل ابوه بيبعتهاله .. انا واحد مليش وجود ليه اعذبك معايا
"سوسن" بنبره صوت غاضبه : وهو انا قلتلك عاوزه قصر ولا عاوزه شبكه انا مش عاوزه غيرك يا "محمود" وقلت ل بابا كده ..انا عاوزاك انت مش مهم حاجه تانيه
رد "محمود" بنبره غاضبه : وانا مش عاوز اخدك من بيت ابوكى امرمتك ف الشارع انا اتعودت ع المرمطه بقت حياتى ..
صمتت "سوسن " ف تحدث بهدوء "محمود" : "سوسن" يا اخدك واعززك واعيشك احسن من ما كنتى ف بيت ابوكى يا تفضلى ف بيت ابوكى معززه مكرمه انا مش هبهدلك معايا يابنت الناس
نظرت له "سوسن" وبنبره هادئه : "محمود" لو قلقان علشان الفلوس انا محوشه قرشين خدهم نجيب بيهم الدهب وكده كده الدهب معايا وراجعلى و ...
بنبره حاده اطلقها "محمود" : ايه الل بتقوليه دا ..الشبكه من العريس ل العروسه مش العكس .. وانا مقبلهاش ع نفسى ولا هقدر ابص ف عينك ولا عين ابوكى لو دا حصل يا ااقدرك يا بلاش يا "سوسن" ودا اخر كلام عندى
وقفت "سوسن" صامته دموعها تتساقط وتنظر الى محمود " نظره حزينه : محمود
استدار "محمود" : دا اخر الكلام
ذهبت " سوسن" مسرعه الى داخل الكافتيريا منهاره ب دموعها ووقف "محمود" متجمد فى مكانه وقام بسب نفسه فيما فعله ونظر الى السماء مرددا : يارب انت عارف ان مفيش ب ايدى حاجه وان دا الصح علشانها ..!
بعد لحظات عاد "محمود" الى عمله والقى بنظره يبحث فى المكان فلم يجد "سوسن" فراى احد زملائه وقام بسؤاله عنها فعرف انها استأذنت وذهبت الى البيت ف شعر بضيقه وخنقه اكثر ,,,,!
قبل ان يعود "محمود" الى السكن ذهب الى منزل "سوسن " وقف بالقرب منه ينظر الى نافذه غرفتها ولكن كانت الاضاءه مغلقه , وقف اكثر من ساعتين وهو ينظر الى اتجاه النافذه ولكن مازالت الاضاءه مغلقه فسمع أذان الفجر ف راى والد "سوسن" يخرج من باب المنزل وراه فنده عليه :
- محمود .. محمود
تفاجئ "محمود" : ايوه يا حج
- انت واقف هنا فى حاجه ولا ايه
تحدث "محمود" متوترا : لا كنت ...كنت ...
راى والد "سوسن" تردد "محمود" : طيب انت رايح فى حته ؟
_لا كنت هروح السكن علشان عندى محاضرات الصبح و
- مينفعش تمشى قبل ما تصلى الفجر تعالى نصليه جماعه وندعى ربنا يصلح الاحوال
ادرك "محمود" ع الفور بأن والد "سوسن" علم بشئ وذلك من نبرتته ,ذهب "محمود" الى المسجد تؤضى وابتدت الصلاه وفى السجده الاولى لجاء الى الله نادما ردد دعاء " يارب انا مش عاوز من الدنيا غيرها اجعلها من نصيبى دى هى الل عايش علشانها يارب يارب "
عاد "محمود" الى السكن وكان فى انتظاره "كرم "
- ايه الل اخرك كده يا عم قلقتنى ..عديت عليك نرجع سوا قالولى مشيت بدرى قلت هلاقيك هنا ملقتكش روحت فين ولا حصل ايه و...
صمت "محمود" ملامحه البائسه الحزينه اخبرت "كرم" ما حدث : انت قولت ل "سوسن"؟
تنهد "محمود": نهيت خلاص وبكره هتكلم مع ابوها واقفل الموضوع
تحدث "كرم" متعجبا: هى "سوسن" رأيها كده ؟؟
اجاب "محمود" : انا الل راى كده لان دا الصح فى الموقف دا والظروف دى
اشتغل "كرم" غاضبا بسبب قرارات "محمود" الفرديه : يعنى انت فكرت وقررت ف انت شايف ان كده الصح .. الل عملته دا بتصرفك لوحدك اكبر غلط .. الصح يا "محمود" انك تشارك الل معاك فى قرارك وتوصلوا انتم الاتنين لحل يرضيكم ,, مينفعش طرف يفكر ويقرر لطرف التانى لان دا ظلم لطرف التانى وانت ظلمت "سوسن" لان دا قرار فى منتهى الانانيه منك لانك فكرت فى نفسك
_ لا فكرت فيها مش عاوزها تتبهدل معايا و ..
قاطعه "كرم" : انت سالتها هتقبلى وهتستحملى ولا لا .. انت سلبت منها حق الاختيار وجبرتها ع قرار انت لوحدك شايفه صح ودا منتهى الانانيه مينفعش علاقه بين اتنين يبقى شخص واحد هو صاحب القرار ,, القرار يكون من الاتنين لانها علاقتهم هما الاتنين مش علاقه فرديه ,, وبعدين مش تدى لنفسك فرصه تانيه وتكلم ابوك تانى و ...
قاطعه "محمود": اكلم مين يا "كرم" خلاص هو نسى ان عنده ابن اصلا من سنين من اول ما طردنى من البيت ولا فكر يبعتلى جنيه وامى كانت بتبعتلى من وراه سرقه زى الحراميه معان دا حقى فيه,انا مش محتاجه ف حاجه ومش عاوز منه حاجه خليه يفرح ويتجوز . و "سوسن" ربنا يعوضها بالاحسن
حاول "كرم" ان يتحدث ويهدى "محمود"ويجعله يتراجع عن قرار الانفصال ولكن "محمود" لم يعطيه فرصه واغلق الحديث وتركه وذهب الى الحمام وجلس "كرم" فى حيره وايدى مكبله لا يعرف ماذا يحدث وسيحدث ل "محمود" وهو يعلم جيدا مدى ارتباط "محمود" ب "سوسن " ...!
فى الصباح الباكر ذهبا كلا من "محمود" و "كرم" الى الكليه وكان "محمود"صامت لا يمزح مع اصدقائه كعادته واستمر ف التدخين سيجاره تلو الاخر حتى انه اهمل محاضراته , بعد انتهاء المحاضرات عادا الى السكن وبدلا ملابسهم وذهبا الى اعمالهم ,اول شئ فعله "محمود" عند دخوله الكافتيريا بحث عن "سوسن" فى جميع ارجاء المكان وتحدث الى الجميع وعلم انها لم تأتى اليوم فشعر بحزن وضيقه اقوى واقسى من الامس ,, مر بعض الوقت واتى الى الكافتريا والد " سوسن " وتوجه مباشر الى مكتبه .. استجمع "محمود" شجاعته وبعد برهه من الوقت اطرق ع الباب ودخل المكتب :
- السلام عليكم يا حج
- وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
- كنت عاوز حضرتك فى كلمتين دا لو فاضى ؟
ب ابتسامه هادئه : اتفضل يا "محمود" يا ابنى اتفضل
جلس "محمود" وهو فى قمه التوتر والقلق
- خير يا ابنى ف حاجه ؟
- احم احم .. كنت عاوز اتكلم معاك فى موضوع
- سامعك يا ابنى اتكلم
- انا من مده اتفقت معاك ع انى عاوز ارتبط ب "سوسن" رسمى بعد سنويه والدتى وحضرتك وافقت ع كده كتر خيرك وقلتلى هنعملها عائلى على قدنا
- ايوه ان شاء الله
- انا مش عارف اقولك ايه يا حج .. من غير لف ودوران انا مش هقدر انفذ وعدى معاك ومش هتستغل طيبتك عليا ومعاملتك ليا ك ابن ... انا بسحب كلامى وبعد أذنك انا هسيب الشغل هنا علشان مسببش احراج لحضرتك ولا ل "سوسن"
عدم وجود رد فعل من "ابو سوسن " لحديث "محمود" يجعله يشعر بعدم راحه ولم يجد كلمات اخرى يقولها فقام واقفا مكانه : واشوف وش حضرتك ع خير وبشكرك ع كل حاجه كويسه عملتها ليا ومعايا وردا لجمايلك اوعدك انى مش هضايق "سوسن" ولا هتشوفى تانى
-خلصت كلامك
- ايوه
شاور الحج اتجاه الباب : اتفضل وربنا يوفقك
استغرب "محمود" من هدوء والد " سوسن" وتقبله للموقف بدون ان يتحدث ..خرج "محمود" و بدل ملابسه واخد مستحقاته وذهب عند منزل "سوسن" وجلس ع قهوه المجاوره واستمر بالنظر الى نافذه غرفتها مر وقت ثم ذهب الى السكن وملامح وجهه متغيره لم يتحدث مع كرم وذهب الى النوم ....!
منذ ترك "محمود" العمل فى الكافتيريا استمر يبحث عن عمل اخر يتوافق مع مواعيد محاضراته وفى هذا الوقت غير حال " محمود " ولم يعلم ماذا يفعل "كرم " لصديقه ..
فى احدى الايام عاد "كرم" من الكليه متحدثا ل محمود : يلا البس وتعالى معايا
- ع فين ؟
- صاحب البنزينه قلتله عليك قالى هاته مش بتدور ع شغل يلا
ذهب كلا من "كرم" و"محمود" واستلم العمل ولكن استلامه لعمل اخر لم يحدث اى فرق ل "محمود" ومهما حاول "كرم" من ابهاج "محمود" يفشل,, مرت شهور ع هذا الحال وابتدت امتحانات اخر العام وانشغل كلاهما ف الامتحانات ومرت فتره الامتحانات واعلنت النتيجه بنجاحهم .. ولظروفهم العائليه لم يستطع كلا منهم العوده الى اهله فكان الحل ايجاد شقه ايجار ليقيموا فيها , ف ارسل والد "كرم" مبلغ من المال حتى يستأجر شقه فأ ستأجروا شقه واستمرا ف البحث عن وظيفه والعمل ف البنزينه مؤقتا ...!
مرت مده ونفذ "محمود" وعده ب انه لا يتحدث مع "سوسن" ولكنه كان يذهب الى منزلها ف الخفاء وينظر اليها من بعيد اشتياقا لها ..!
بعد ظهور النتيجه واستمرار بحث "محمود" و "كرم" ع وظيفه تتناسب مع شهاداتهم الجامعيه ... ارهقهم البحث وخصوصا عندما علما ان الاهم من الشهادات الجامعيه هى "الواسطه الاجتماعيه " يصاحبها مبلغ من المال .. وهما مفلسون كليهما ,, استمرا ف العمل فى محطه البنزين فكان "كرم" مسئول عن حسابات و"محمود" عامل فى المحطه مع باقى العمال ...!
فى يوم الاجازه ذهب "كرم" لزياره والده وكانت المسافه لا تبعد عن مكان سكنه ساعه .. ذهب الى منزل والده المريض وكما تعود لا يدخل منزل بدون جمل زياره سواء كانت فاكهه او حلويات فهذا من الذوق العام وليس من شروط الزياره , وقف " كرم" امام المنزل وملامح وجهه متغيره متخوفا من مقابله اخيه الاكبر "كمال " بعد وقوفه للحظات استجمع شتاته ورسم ابتسامه ودخل المنزل ورن الجرس الباب وفتح له الباب زوج اخيه " الهام "
_ "كرم" ازيك تعالى اتفضل
_ الحمد الله .. ازيك انتى يا الهام وولادك عاملين ايه و"كمال"
مالت اليه بصوت خافت : كمال مش هنا متقلقش لسه بدرى ع رجوعه من الوكاله الحاج مستنيك فى اوضته هيفرح اوى
اعطاها ما يحمل فى يديه : حاجه بسيطه
_ليه تكلف نفسك كده بس
- متقوليش كده
اخدت "الهام" الفاكهه واتجهت الى المطبخ ل استكمال الغداء واتجه "كرم" اتجاه غرفه والده واطرق الباب "تك..تك " ثم دخل :
_السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
راه والده ابتهج وب ابتسامه: وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
ذهب "كرم" مسرعا الى حضن ابيه وضمه بشده : وحشنى "يا كرم" وحشنى اوى
_ وانت كمان يا حج
امسك "كرم" يد والده قبلها وقبل راسه وجلس بجانبه
_ عامل ايه يا حبيبى واخبارك مبسوط فى شغلك
_ والله يا حج الحمد الله اهو الموجود
بملامح حزن وضع الوالد يده ع يد ولده : متزعلش منى يا "كرم" انا عارف ان اخوك "كمال" كان معترض انك تكمل تعليمك وكان عاوزك تشتغل معاه ف المحل وتمردك عليه زعله منك وانت شايفنى لا حول الله ولا قوه المرض هدنى مش قادر اتحرك من مكانى ولا قدرت اقف ليه واصده عن طرده ليك من البيت و ...
وضع "كرم" يده ع يد ابيه : ياحج متقولش كده انت الخير والبركه ولولا القرشين الل بتبعتهملى مع الل بيطلعلى من البنزينه ماشيه الدنيا معايا وانا مش زعلان من "كمال" عارف مشكله "كمال" معايا والوقت هيهين كل حاجه المهم انت تخلى بالك ع صحتك ياحج
_ ربنا يكملك بعقلك يارب
_ ع فكره ياحج قلقتنى عليك لما قلتلى انك عاوز تشوفى ضرورى متقلقنيش عليك كده
_فكرتنى قبل ما "كمال" يرجع ..."كرم" انا كلمت واحد اعرفه كان زبون ليا فاتح مكتب استيراد وتصدير فى اسكندريه جهز نفسك تسافرله وان شاء الله هيكون ليك مكان شغل هناك معاه
_ياريت ياحج ..انا نفسى اشتغل بمؤهلى
_ان شاء الله خير
دخلت "الهام " : يلا يا بابا يلا يا "كرم" الغدا جاهز وكمال جه
ملامح وش "كرم" تغيرت ف امسك والده يداه وضغط عليها كمن يبلغه ان لا يقلق .. خرجا من الغرفه " كرم" ممسك ب يدى والده وجلسا ع طاوله الغذاء عم الصمت فى وجود "كمال " فبدء "كمال" الحديث" :
_ ياترى يا "كرم" عامل ايه فى شغلك فى البنزينه بشهادتك الل اخدتها
شعر "كرم" ب طريقه "كمال" ليستفزه ف اجاب بهدؤء : الحمد الله
استكمل "كمال" بطريقته المستفزه: مكنتش اعرف انك صممت انك تكمل علشان تشتغل فى بنزينه الل اى واحد معاه اعداديه يشتغلها
رد "كرم" بهدؤء :الحمد الله
حاولت "الهام" تغير جو المحيط: ايه رأيك يا "كرم" فى صينيه البطاطس عملتهالك مخصوص
رسم "كرم" ابتسامه: تسلم ايدك الاكل كله تحفه
استكمل "كمال" طريقته المستفزه ف الحديث دون النظر الى "كرم" : ربنا يخلى الحج البيت مفتوح بحسه ولولاه مكنتش هتقعد ع الكرسى دا .. ياريت ياحج تكون فرحان ب ابنك الل معاه بكالوريوس تجارة وهو شغال ف بنزينه دلواقتى ...
اقتربت منه "الهام" : كمال ... بلاش الكلام دا
شعر "كرم" بعدم الراحه فى المكان وسيطره "كمال" ع المنزل والغاء والده فشعر بعدم الراحه وقرر ان يذهب .. ترك "كرم" الاكل : تسلم ايدك يا الهام
_رايح فين .
نظر الى الساعه ف يده : هعدى ع واحد صاحبى هنا
_طيب اشرب الشاى
تدخل "كمال" :سبيه اكيد هو مستعجل
توجهه "كرم" الى والده وامسك يداه وقبلهم: مع السلامه ياحج
بملامح حزن وزعل : متزعلش منى يا ابنى
ابتسم "كرم " ونظر الى "كمال" : السلام عليكم
ذهب "كرم" اتجاه الباب وخرج فى هذه اللحظه نظر والده بنظره حزن الى "كمال" ثم انهى طعامه ودخل مره اخرى الى غرفته ...!
عاد "كرم"الى الشقه وجد "محمود" جالس بجوار النافذه ويدخن سيجارته وفى حاله شرود لم يشعر بوجوده فبدل ملابسه وذهب الى السرير فكان كلاهما مشغول بحياته ومافيها من مشاكل فلا يعلما ماذا الدنيا تخبى لهم غدا .. !
فى يوم طلب "كرم " اجازه وذهب الى الاسكندريه لمقابل الاستاذ " معوض" .. توجه الى العنوان وقابله واتفق معه ان يستلم الوظيفه من اول الشهر فحاول ان يجد وظيفه ل "محمود" ولم يستطع فكانت فرحته غير مكتمله فجلس فى قطار العوده يفكر ماذا يفعل لصديقه ,,اثناء تواجد "كرم" فى الاسكندريه كان " محمود" فى عمله فى البنزينه واثناء وقوفه ليملى خزان السيارات بالبنزين وجد سياره وقفت امامه وشخص بداخلها يطلب منه ان يملاها له ونظر الى من بجواره ففكانت " سوسن " من المفاجاءه شعر بالصدمه وكانت تنظر له نظره عتاب لبعده وتماسكه هكذا وعدم محاولاته ان يتحدث معها منذ انفاصلهم منذ شهور بعد لحظات انهى ملئ التنك : 15 جنيه
اعطاه ورقه ب 20 جنيه : خلى الباقى علشانك
نظر "محمود" الى ورقه ال20 جنيه نظره غضب ونظر الى "سوسن" فكانت عنياها مليئه بالدموع وبعد لحظات تحركت السياره واختفت .. فقبض بيده ع الورقه وبغضب دخل الى غرفه تغيير ملابس وشعر ب انقباض فى صدره ورمى ال 20 جنيه فى الارض ...!
عاد " محمود" الى الشقه فى حاله من الغضب والعصبيه وكان "كرم" جالس يقرا الجريده :
_ فى ايه مالك يا "محمود"
بنبره عصبيه وغاضبه : ل امتى الدنيا هتفضل تخبط فيا كده يا جدع ل امتى
تعجب "كرم" من لهجه "محمود" :فى ايه بس ... حد عملك حاجه فى الشغل حد ضايقك ؟
بملامح حزن : انا الل عملت فى نفسى يا "كرم" انا ... انا عشمت نفسى بحاجات مش هتحصل ..انا الل رسمت حياه مش ليا وعشت حلم وهو اصلا كابوس .. هو انا مدام مليش لازمه ومفيش حد عاوزنى جيت ليه ف الدنيا ها جيت ليه ...
شعر "كرم" بمدى حزن وتعب " محمود" فذهب اليه ورتب ع ظهره وحكى "محمود" ع الموقف الذى حدث فى البنزينه وما شعر به "محمود" من قسوه ووجع عندما راى " سوسن" مع اخر .. فى اثناء الليل بعد ما ذهب "محمود" الى النوم جلس "كرم" ينظر الى "محمود" يفكر ف وضع صديقه وكيف يستطيع مساعدته وهو يعلم مدى وجع الذى يشعر به صديقه ...!
فى اليوم التالى ذهبوا الى عملهم فى البنزينه وتحدث "كرم" مع صاحب البنزينه ليبلغه انه سيترك العمل وسينتقل الى الاسكندريه وطلب من صاحب البنزينه ان يسلم "محمود" مكانه فى الحسابات ويكون المسئول عنها وبعد محاولات من الاقناع والحاح من "كرم" وافق صاحب البنزينه وتحدث مع "محمود" واستعجب من موقف صاحب البنزينه اتجاهه ولم يعلم ان وراء هذا التغيير هو "كرم " ولكن ذلك اعطاءه بريق من الامل ب ان الحياه يحدث فيها الجديد عندما تضيق ,,وبعد مرور اسبوع وقبل سفر "كرم" الى الاسكندريه جلس مع "محمود" ع القهوه :
_مبسوط يا "حوده" بالشغل الجديد
ب ابتسامه: نوعا ما الحمد الله الواحد حس انها ابتدت تندع بس غريبه موقف الاستاذ" عبدالله" كان مكنش طايقنى وعاوز يمشينى فاجاءه كده يشغلنى امسك حسابات البنزينه مش مستوعبها ازاى دى
رسم "كرم" ملامح عدم المعرفه : ياعم فكك ربنا بيغير القلوب عادى المهم ان المرتب دا احسن كتير من الاول صح ولا..؟
_ اه جدااا.. الحمد الله مرتب محاسب احسن من مرتب عامل بنزينه حتى البرستيج يفرق
_ قصدك ايه ماانا كنت عامل بنزينه متقللش من حد
_ بهزر يا جدع الله المهم انت متروحش اسكندريه والبحر ياخدك منى وتختفى
_عيب عليك انا الاجازه الاسبوعيه هبقى ع قلبك وانت هتجيلى ولا ايه
_اكيد طبعا هنعوم ببلاش كمان
اطلقوا ضحكه عاليه ..ثم امسك "كرم" فنجان القهوه واخد رشفه منه ونظر الى "محمود" : مقولتليش ناوى تعمل ايه بعد كده يا حوده ؟
تنهد "محمود" : يعنى هعمل ايه عادى
: الخطوه الجايه ياعم الذكى هتعمل ايه دلواقتى ف وظيفه احسن ومرتب كويس بعدين ..؟
_ ولا حاجه
_ ايه دا ..انا كنت فاكر اول حاجه هتفكر فيها انك تروح تتقدم ل "سوسن"
اطلق "محمود" ضحكه موجعه: "سوسن" ماخلاص تلاقيها اتخطبت ياعم هى هتستنانى
بملامح غضب تحدث "كرم" : ايه لا المبالاه دى , انت جربت تكلمها بعد ما سبتوا بعض ... جربت تشوف حالتها عامله ازاى ... سالت عليها اتخطبت ولا لا انت بتنجم وانت حاطط رجل ع رجل
تعجب "محمود" من عصبيه "كرم": مالك كده وبعدين انا عاهدت ابوها ان انا مش هقرب ليها وانا بحترم كلامى
_ وعدته مش هتقرب ليها لكن تقرب لبيتهم عادى صح
_ انا عيل انى بحكيلك
_ بجد لدرجه دى هى مش فارقه معاك .. علشان كلمتين قلتهم ل ابوها خلاص تناسها
ابتسم "محمود" ابتسامه حزينه وعينيه امتلات بالدموع: انساها ... انساها ازاى وهى الوحيده الل حسستنى انا جيت الدنيا ليه "سوسن" متتنساش يا "كرم "
ب نبره تشجيع غمز له " كرم" : طيب احنا فيها اهو ..جرب تكلمها وروح كلم ابوها وعرفه الجديد بتاعك دا اكيد الوضع هيتغير ومتقلقش هى متخطبتش ولا بتاع والل شوفته معاها دا ابن خالتها ومتجوز ومعاها 4 عيال كمان و ...
شعر "كرم" انه اخطا ف الكلام واطلق السر بملامح استغراب نظر له " محمود " : انت عرفت كل دا ازاى
بلهجه تهته حاول ان يهرب "كرم" : اصل ... اصل .. ماانا قابلتها ف الشارع فى مره وسلمت عليها وهى قالتلى ...
نظر "محمود" ل " كرم" بعدم تصديقه :لا بجد
حاول "كرم" الهروب : المهم جرب تانى .. الل بيحب حد بيجرب تانى وتالت ورابع .. مدام هى لسه ولا اتخطبت ولا اتجوزت يبقى الامل موجود ومستنياك .. انت دلواقتى الوظيفه الل معاك اها مؤقته بس مرتبها كويس يعنى مش عاطل وزى ما لاقيت حاجه احسن هدورلك معايا وهتلاقى الاحسن منها ,هى خطوه بتجر خطوه مفيش حد بيقف مكانه ولو على الشقه ياعم هسيبلك الشقه الل احنا قاعدين فيها هى صغيره اوضه وصاله بس اسمها شقه واعتبريها بتاعتك وهنروح نغير عقد الايجار يكون ب اسمك ياعم واعتبرها هديه جوازك هتعوز ايه تانى انجز بدل ما تندم يا بروته
بملامح الصدمه والدهشه: "كرم" انت بتتكلم بجد
كرم بملامح ثقه وفرحه وضع يديه ع كتف "محمود" : وهكدب عليك ليه انا كده كده مسافر مش هكون قاعد معاك وهتكون فعليا قاعد لوحدك فى الشقه وبصراحه انا اخاف تلوث الشقه الشيطان يلعب ف دماغك وتقضيها فخلينا فى الحلال لان الحلال اجمل انجز ..
ابتسم "محمود" : انا الشيطان يلعب فى دماغى داانا الشيطان يقولى ياعمو
_ طيب يا عمو متعقدهاش انت وروح اتكلم مع ابوها وشوف هيقولك ايه ماشى
حماس وكلام " كرم" كان بالنسبه ل "محمود" ك الصدمه واتفاجئ بكميه المفاجاءات الغير متوقعه وبعد ما كان فقد الامل فى الاقتراب من "سوسن" شعر انها امه فى انتظاره ..!
لم يستطيع "محمود" الانتظار اكثر من ذلك فقد بعثت له الحياه فرصه لا يجب اضاعتها والاشارات السابقه تخبره بقرب الحدث الكبيره فما عليه الا اتاخذ القرار ,,اخد القرار وذهب الى الكافتيريا ورأته " سوسن" ونظر لها ب ابتسامه ثم نظر الى باب مكتب الكافتيريا واخد نفس واستجمع شتاته وكان نظرته ل سوسن زادت الثقه به طرق ع الباب ودخل المكتب :
_السلام عليكم
_وعليكم السلام ..اتفضل يا "محمود"
جلس "محمود" وهو ملئ بالتوتر والخوف من التصرف وبدون تفكير : بص يا حج انا هنجز معاك فى الكلام علشان وقتك انا دلواقتى ظروفى اتغيرت نوعا ما هى مش ل الاحسن اوى بس بقت احسن شويا ومع الوقت بأذن الله هتكون احسن وانا كنت عند وعدى معاك من اللحظه الل خرجت فيها من هنا اخر مره مشوفتش ولا اتكلمت مع "سوسن" لكن كل ما الوقت يعدى كل ما احس ان اهم حاجه نقصانى وانى لوحدى ..انا فعليا لوحدى يا حج مطلعتش من الدنيا دى بغير "كرم" صاحبى و "سوسن " هما العمودين الل بتسند عليهم واكمل حياتى ومقدرش استغنى عن حد فيهم .. انا الاول جيتلك وانت عارف ظروف العائليه كويس دلواقتى انا بطولى و اتمنى تعيد النظر انا فعلا مش قادر اعيش من غير "سوسن" ..
حالت حاله من الصمت واستمر والد " سوسن" بالنظر ل " محمود" اثناء حديثه ودون مقاطعته واسمتع اليه الى ما انتهى كلامه وشعر "محمود" بالصمت فقرر ان يذهب .. فقام واقفا : استاذن انا ياحج وهستنى ردك
استدار اتجاه الباب وقبل ان يفتحه ليخرج : انا موافق يا "محمود "
لم يستوعب "محمود" التصديق وتجمد مكانه للحظات ثم استدار ليرى ابتسامه مشرقه ع وجهه والد " سوسن " واستكمل كلامه: انا موافق ع خطوبتك ع "سوسن" وهى كمان موافقه لانها معتبرتش نفسها انفصلت عنك ومصدقتش كلامك بالانفصال والبركه ف السند بتاعك ..
حاول "محمود" يستجمع افكاره : سندى ...
_ تعالى اقعد وانا هفهمك
جلس "محمود " : وقت ما اتكلمت مع "سوسن " ومعايا بعدها ع طول "كرم" صاحبك جه هنا واتكلم معايا وعرفنى ظروفك وطلب منى اصبر عليك واديلك فرصه تثبت كلامك وفى ااقل من سنه وفى الوقت الل حددته معايا هتكون نفذت كلامك وطلب يتكلم مع "سوسن" واكدلها انك بتحبها وشاريها ومش عاوز تبهدلها ودا اثبتلى ان مفيش حد يستحق بنتى غيرك ... الفلوس احنا الل بنعملها وحياتنا احنا الل بنختارها وطريقنا بيبقى من قرارنا .. انت فكرت ف نفسك وف الل حواليك ودا يثبت ليك ولينا انك راجل بمعنى الكلمه وانا يشرفنى اكون حماك ...
سعاده "محمود" بكلام والد "سوسن" اشعره بسعاده غير متوقعه والاكثر من ذلك احساسه بجدعنه وشهامه "كرم" ب افعاله معه اكثر من كلامه وانه مع مرور الوقت اثبت انه السند وفى هذه اللحظه استأذن "محمود " وع وجهه ملامح السعاده والفرح وشعوره بمصالحه الدنيا له عما كانت تفعل وذهب مسرعا الى المنزل فوجد "كرم" فى انتظاره ... فتح "محمود" باب الشقه ودخل نظر الى "كرم" وبدون اى كلام شد "كرم وحضنه وبكى بغزاره .. اتفاجئ "كرم " : ايه فى ايه يا "محمود" ابو "سوسن" رفض ولا ايه مستحيل . ولا ...
نظر "محمود" الى "كرم" : انا لو عندى اخ من امى وابويا مش هيعمل معايا الل بتعمله دا يا "كرم "
شعر "كرم" بانه علم بكل ما فعله : متقولش كده يا "محمود"
_ تروح تتكلم مع "ابو سوسن" و"سوسن" واعرف انك اتكلمت مع استاذ "عبدالله " امسك مكانك وتسيبلى الشقه ليا لوحدى ... ليه كل دا
_ عيب عليك تقول كده يا جدع .. احنا مش مجرد اصحاب اتقابلنا صدفه وظروف جمعتنا احنا اخوات يا "محمود" انت حسستنى ان عندى ضهر وسند لما اطردت من البيت ولحقتنى قبل ما امشى ف طريق الضياع ومسكت ايديا ووجهتنى انت حسستنى انى مش لوحدى انت اخويا يا "محمود" اخويا ,,احنا ملناش فى الدنيا دى غير بعض
_ وانت النعمه الل ربنا بعتهالى ف الدنيا دى يا "كرم" بجد مش عارف اقولك ايه ؟
ضحك "كرم" بصوت عالى: بسرعه تلبس الدبل وتبقى عريس رسمى ونفرح بقى
وبسعاده وبنبره عاليه : وهنفرح بقى ....
__________________________ _
يتبع
لايك و رائيك

الروح .. طائر غير مرئى ب اجنحته يعبر الحدود يتنقل من مكان لمكان دون شروط , يبحث دائما عن مكمله فهو كمثل القمر يمر بدورته القمريه حتى يكتمل يصبح بدر ينير الوجود , توقفتنى مقوله احدى الاشخاص لى ان الارواح تتلاقى المشابهه منها تمتزج ب روحنا وتكملها والنافره منها تبتعد حتى تختفى من حياتنا , ف ادركت أن الروح المشابهه لنا لا نراها ب اعيننا ولكننا نشعر بها فهى التى لا تتركنا ولا تتخلى عنا و لاتغيب تشعر ب الأمنا دون أن نشكى فتلازمنا فنصبح روح واحده فى جسدان , كثيراً منا توهم بروح تنقذه وهى كانت تحرقه ف البعض الحظ يحالفه بوجودها والبعض يتألم لفراقها والبعض يستمر فى البحث عنها ف تيقنت ان منذ خلق الوجود والانسان يشعر ب انه غير مكتمل حينها يدرك بنقصان فى روحه فتبدء رحلته فى البحث عن مكمله فى البحث عن تؤام روحه ...

______________________
فى يوم مشمش فى شهر سيتمبر الجميع يتجهز ل استقبال العام الدراسى الجديد بدايه جديده ب امل جديد ب قرارات جديده بمجهول لا نعلم ماهيته , فى محافظه "الشرقيه" وبالتحديد فى جامعه "الزقازيق" بـ مدينه "الزقازيق" نتوجهه الى المدينه الجامعيه حيث المكان التى يجتمع فيها طلاب من جميع المحافظات الاخرى هولاء لم يحالفهم الحظ ليلتحقوا ب كليات فى محافظتهم بسبب المجموع والنظام الفاشل المسمى "بالتنسيق" .. وبالرغم ان المدينه الجامعيه مكان لكل مغترب عن محافظته واهله فيوجد ايضا فيها مغتربين عن منازلهم القريبه منها ومثال ذلك كلا من "محمود " و " كرم " كلاهما ذو بشره القمحيه والعيون البنيه ب اختلاف الشعر ف "محمود" يقصر شعره "زيرو " دائما لذلك لا يحتاج ان ينظر فى المراه غير "كرم" متقاربان فى الطول هما طالبان ف السنه الرابعه كليه تجاره , جمعتهم الظروف ربما ..جمعتهم الصداقه ربما ..جمعتهم الدراسه ربما واكن الاكيد ان كلا منها وجد نفسه فى الاخر واجتمعت ارواحهم الممزقه سويا وامتزجت ف اصبحا لا يقترقان ف القدر جمعهما , ف حقا لا يشعر بك الا من مر بنفس ظروفك وعاش حياه مشابهه لحياتك ليقدر حجم الالمك ..!
فى غرفه فى المدينه الجامعيه المقيم فيها كلا من "محمود" و"كرم" , كان " كرم" يتحرك ذهابا وأيابا فى الغرفه امام باب الحمام واضعا يديه ضاغط على معدته يتلوى
- "محمووود" كل دا فى الحمام فى غيرك عاوزين يستخدمو حقهم الانسانى يا بنى ااادم
فتح باب الحمام وخرج "محمود" : ايه الازعاج ع الصبح دا
اتجه "كرم" مسرعا الى الحمام وبعد دقائق خرج ممسكا علبه سجائر :
-قول بقى انك كل دا كنت بتصتبح مش عارف انا ازاى يجيلك نفس تشرب سجاير فى الحمام وبعدين مش انت ياعم قلت هتخفف السجاير على اساس انها مضيعه للفلوس وللصحه و ...
- هشششش .. ايه الصوت العالى دا وطى صوتك
سحب " محمود" من يد " كرم " علبه السجائر وجلس على الاريكه بجوار النافذه واشعل سيجاره واطلق تنهيده مليئه بالدخان ..لاحظ "كرم" تغييره ف اقترب منه وجلس بجواره :
_ "محمود" انت روحت تشوف أبوك امبارح صح ؟
ضحك "محمود" ضحكه عاليه مليئه بالوجع : ايوه ورجعت بالبشاره
_ خير ؟
نظر "محمود" الى " كرم" وملامح الحزن والضيقه على وجهه: الحج عقبال عندك هيتجوز
تفاجئ "كرم" : هيتجوز ... دى امك لسه مكملتش 4 شهور ؟
_انت قولت اهو امى مش امه .. يعنى براحته يتجوز اصله مش عاوز يكون لوحده
امسك "محمود " علبه السجائر وأشعل سيجاره اخرى فسريعا امسك "كرم" من يديه السيجاره ووضعها فى كوب المياه امامه : مينفعش كده يا محمود انت بتحرق نفسك ياابنى _ عاوزنى اعمل ايه مفيش قدامى غير السجاير اطلع همى فيها
_ دا مش حل يا "محمود"
اطلق "محمود" تنهيده : بعد ما طردنى بعد نتيجه الثانويه علشان كنت عاوز اكمل تعليمى وهو عاوزنى اشتغل معاه ف الورشه ولما رفضت شاطنى ع الشارع ولا فكر فى الست المريضه الل هى أمى انا افتكرت انه بعتلى علشان يطلب منى ارجع البيت واقعد معاه طلع باعتلى علشان يبلغنى انه هيتجوز الاسبوع الجى .. لانه ياحرام يشعر بالوحده
ملامح ونبره صوت "محمود" اسكتت "كرم" فهو لا يعلم ماذا يفعل وهو يرى صديقه محطم من أقرب الناس اليه والده وتذكر يوم أمس عندما اتاه احدى اقاربه وابلغه ب ان والده يريد ان يراه والسعاده اللحظيه فى وقتها فتبخر كل شئ الان , وضع "كرم" يديه على كتف "محمود"
- متزعلش يا صاحبى
ضحك "محمود" ضحكه سخريه : لا لا وهزعل ليه دا حقه والحمد الله انه صبر ع الست الغلبانه لغايه ما ربنا اخد امانته بدل ما كانت تموت من القهره وهو جايب واحده تانيه ف بيتها .. الله يسهله طريقه وحياته ومراته الجديده ..
تنهد "محمود" ونظر ل "كرم" وجد ملامحه حزينه ف ابتسم :
_ ايه يا "ابو الكرم" انت مالك قالبها دراما ليه دا العادى الل بيحصلنا هتكون متوقع ايه يعنى وبعدين ما الحال من بعضه انت ناسى انك شبه مطرود زى حالاتى بسبب اخوك الكبير وابوك بيبعتلك الفلوس ف السر من وراه ...
_ ع رأئيك حالنا لا يسر عدو ولا حبيب
_لكن انت احسن منى ابوك فكر ف مستقبلك يا "كرم" انما ابويا فكر فى نفسه
تنهد "كرم" واجمع شتاته: ايه النكد دا فكك كده ويلا ننزل نفطر ونروح الكليه خلينا نبدء السنه دى بشويا تفائل هتقولى نجيبه منين هقولك من الهوا طبعا هو حليتنا غيره
ابتسم "محمود" على حديث "كرم": ايوه كده يا "حوده",, احنا يا صديقى يوم ما القدر ما جمعنا سوا واحنا عاهدنا نفسنا ان احنا هنبنى حياتنا بعيد عن اهلنا صح
ابتسم "محمود" : نبنى وماله بس قبل مانبنى انت الل هتحاسب ع الفطار انا مقشفر ومينفعش نبنى ع معده فاضيه دا كده الاساس هيلكلك مننا
ضحك كرم : دا كله الا الاساس ..انت طول عمرك مقفشر يا "حوده "
ذهب كلا من "محمود" و "كرم" الى الكليه وكالعاده كان اتجاههم اولا الى الكافتيريا وقاموا بطلب وجبتين من الافطار وبعد ذلك ذهبوا الى محاضراتهم ...!
بعد الانتهاء من المحاضرات رجع كلا من "محمود" و "كرم" الى السكن فى المدينه الجامعيه قاما بتغير ملابسهم ثم ذهب كلا منهم فى وظيفته المسائيه فكان يعمل "محمود" فى كافتيريا ويعمل "كرم" فى بنزينه ...!
دخل "محمود" الكافتيريا ببهجه وابتسامه مشرقه على وجهه, كعادته كلما يزيد الوجع كلما ضاعف من ابتهاجه وابتسامته حتى لا يجعل الاخرين ينتبهون اليه فهو معروف بخفه دمه , ولكن مهما كان يفعل لكى يخفى عن الجميع الا ان وجعه ينكشف امام اثنين , "كرم" صديقه المقرب و " سوسن " فتاه ذات البشره البيضاء والعيون الخضراء يتهاتف عليها الشباب ولكن قلبها يملكه "محمود" فهى ابنه مالك الكافتيريا وتعمل معه بها والانسانه الوحيده التى انفتح لها قلبه عن الاخريات ..!
بدل "محمود" ثيابه واستلم "الشيفت" من زميله وذهب ليعد ترتيب الطاولات وكان يدندن مع اغنيه .. اقربت منه "سوسن" :
- ايه الروقان دا كله ؟
نظر اليها مبتسما : حد يشوف القمر وميبقاش رايق ..حد يشوف احلى ورده ومبيقاش طاير من السعاده
اقتربت "سوسن" خطوتين اتجاه "محمود" ونظرت بقرب من عنييه فارتعشت عينيه
_ "سوسن" فى ايه انتى بتشبهى عليا ولا ايه
_ لا بس انت فيك حاجه وبتحاول تخبيها عليا وبتحاول بذمه اوى فى ايه ؟
تجاهل "محمود" تلميحات "سوسن " وذهب الى طاوله اخرى فذهبت وراءه "سوسن"
_ فى ايه يا "محمود" ؟
_ "سوسن" عندى شغل ومش ناقص ابوكى يزعق كل مره بيقول انا ببوظ اى شيفت بمسكه وميعرفش ان بنته هى الل مبوظانى انا شخصيا بعمايلها ..يلا روحى شوفى شغلك
_ كده ... ماشى يا "حوده" بس اعرف انك مش هتروح انهارده غير لما تحكيلى هحبسك لو حكمت فاهم
اطلق "محمود" ضحكه عاليه واقترب من "سوسن " وبصوت خافت : انا موافق لو هتحبس معاكى ولوحدينا والشيطان ثالثتنا يااااه هتبقى حبسه العمر ساعتها ابوكى هيودينى ل امى ع الطريق السريع وابقى شهيد "سوسن"
ضحكت "سوسن" ثم ركلته فى رجله : ايه ياواد الاستظراف دا انا بتكلم بجد
نظر "محمود" بالقرب من عينيها: وانا بتكلم بجد انا موافق اتحبس معاكى العمر كله
ابتسمت "سوسن" خجلا من حديث "محمود" وذهبت مسرعه وتركت "محمود" وع وجهه ابتسامه حقيقيه نابعه من قلبه وليست مجامله .. وعاد الى عمله ...!
كان "كرم" وصل فى الموعد لعمله وبدل ملابسه واستلم هو ايضا "الشيفت" وذهب ل اصدقاءه فى العمل وجلس وكان فى هذا الوقت منشغل البال على صديقه " محمود" مرردا " ياترى هتفهم سوسن الوضع هى وابوها ولا هتتعقد معاك يا حوده "
كان "محمود" يتهرب من الحديث مع "سوسن" فكان فقط يرسل لها ابتسامات ويهرب عندما تحاول فتح اى حوار بينهم ... استغل "محمود" ازدحام المكان وخرج ليدخن سيجاره وابلغ زميله ان يكون مكانه لدقايق وسيعود, وقف بالخارج واشعل سيجارته وكان يطلق الدخان بقوه ويتنهد بشده وينظر الى السماء وقبل انتهائه منها سمع صوت خلفه : انا قولت الموضوع كبير
استدار خلفه ف تفاجئ بوجود "سوسن" : انتى بتعملى ايه هنا ؟
_ كنت بخرج الزباله ولمحتك بالصدفه انت بتعمل ايه وسايب شغلك ؟.
اسرع "محمود" من اطفاء السيجاره : انا كنت بشرب سيجاره وداخل ع طول اهو يلا
ابتعد "محمود" خطوتين وف الخطوه الثالثه امسكت "سوسن" ذراعه : مش هتقولى فى ايه؟
استدار "محمود" وع وجهه ابتسامه: مفيش صدقينى
اقتربت منه "سوسن" : بص فى عينى وقول وحياتك مفيش حاجه
وقف "محمود" ولكن لم يستطع الصمود للحظات واستدار وجهه :
- مش قولتلك انا فى حاجه يا "محمود" .. مالك فى ايه ..من امتى بتخبى عليا ها ؟
الابتسامه اختفت من على وجه "محمود" واطلق تنهيده : مش عارف اقولك ايه ؟
- قول اى حاجه قول كل حاجه جواك مخبيها وانا هسمعك هى دى اول مره نتكلم
نظر "محمود" ل "سوسن" وبعد تردد للحظات كان فى صراع مع نفسه فقرر "محمود" اتخاذ القرار : "سوسن" انا هتكلم معاكى فى موضوع كده كده هتعرفيه فتعرفيه من دلواقتى افضل من بعدين
ارتسمت ملامح "قلق" على وجه "سوسن" : فى ايه ؟
نظر اليها "محمود" : احنا لازم نسيب بعض يا "سوسن" علاقتنا دى لازم تنتهى
انصعقت "سوسن" من حديث "محمود" : ايه .. بتقول ايه .. نسيب بعض .. ليه ؟
استجمع "محمود" شجاعته وبلهجه جاده : انا كنت واعد ابوكى ان السنادى هخلص امتحانات وهجيب ابويا ونتقدم رسمى وبعد ظروف وفاه امى .. ابوكى قالى بعد السنويه تتم الخطوبه.. صح
سوسن بملامح حزن : ايوه دا كان اتفاقك مع بابا ايه الل اتغير
بملامح حاده وبنبره حزينه اجاب "محمود" : الل اتغير انا كنت فاكر نفسى زى البنادمين الطبيعيين عندى اهل يقفوا جنبى لكن بعد زياره ابويا امبارح اتاكدت ان انا مليش اب ولا اهل يقفوا جنبى وابوكى مش هيرضى بواحد بطوله كده من غير اهله ...
_فى ايه حصل ؟
_ ببساطه روحت امبارح ل ابويا افاتحه ف موضوع الخطوبه والاتفاق الل اتفقت عليه لاقيته هيتجوز الاسبوع الجى ولما حاولت افاتحه قالى انه مش هيجى معايا ف اى مكان وللحظه الل خرجت فيها من البيت اعتبر ان معندوش ولد اسمه "محمود" و حقى فى ورث امى قالى ملكش حاجه قال ايه هى بعتله نصيبها ومكنش عندها دهب يعنى من الاخر مش معايا من ابويا غير اسمه ولو عليه كان اخده ..وانا يا بنت الناس مش عاوز اربطك جنبى اكتر من كده وابوكى ميستهلش منى اعمل فى بنته الوحيده كده وهو مأ منلى ع بنته وشغله وفى الاخر اكون عيل ف نظره ..
سوسن بدموع تتساقط من عنيها : ببساطه كده عاوز تسيبنى يا "محمود" ببساطه كده تقولها نسيب بعض ...هنت عليك
امسك "محمود" كتف "سوسن" ب يديه الاثنين ضاغط عليها وملامح حزن ع وجهه : انتى فاكره انى قولت كده بسهوله ..انا قلبى بيتقطع وانا بقول كده بس العقل بيقول كده انا فعليا مش معايا حاجه اخطبك بيها حتى تمن الدبلتين مش معايا انا شبه "كرم" الل بيصرف عليا من فلوس الل ابوه بيبعتهاله .. انا واحد مليش وجود ليه اعذبك معايا
"سوسن" بنبره صوت غاضبه : وهو انا قلتلك عاوزه قصر ولا عاوزه شبكه انا مش عاوزه غيرك يا "محمود" وقلت ل بابا كده ..انا عاوزاك انت مش مهم حاجه تانيه
رد "محمود" بنبره غاضبه : وانا مش عاوز اخدك من بيت ابوكى امرمتك ف الشارع انا اتعودت ع المرمطه بقت حياتى ..
صمتت "سوسن " ف تحدث بهدوء "محمود" : "سوسن" يا اخدك واعززك واعيشك احسن من ما كنتى ف بيت ابوكى يا تفضلى ف بيت ابوكى معززه مكرمه انا مش هبهدلك معايا يابنت الناس
نظرت له "سوسن" وبنبره هادئه : "محمود" لو قلقان علشان الفلوس انا محوشه قرشين خدهم نجيب بيهم الدهب وكده كده الدهب معايا وراجعلى و ...
بنبره حاده اطلقها "محمود" : ايه الل بتقوليه دا ..الشبكه من العريس ل العروسه مش العكس .. وانا مقبلهاش ع نفسى ولا هقدر ابص ف عينك ولا عين ابوكى لو دا حصل يا ااقدرك يا بلاش يا "سوسن" ودا اخر كلام عندى
وقفت "سوسن" صامته دموعها تتساقط وتنظر الى محمود " نظره حزينه : محمود
استدار "محمود" : دا اخر الكلام
ذهبت " سوسن" مسرعه الى داخل الكافتيريا منهاره ب دموعها ووقف "محمود" متجمد فى مكانه وقام بسب نفسه فيما فعله ونظر الى السماء مرددا : يارب انت عارف ان مفيش ب ايدى حاجه وان دا الصح علشانها ..!
بعد لحظات عاد "محمود" الى عمله والقى بنظره يبحث فى المكان فلم يجد "سوسن" فراى احد زملائه وقام بسؤاله عنها فعرف انها استأذنت وذهبت الى البيت ف شعر بضيقه وخنقه اكثر ,,,,!
قبل ان يعود "محمود" الى السكن ذهب الى منزل "سوسن " وقف بالقرب منه ينظر الى نافذه غرفتها ولكن كانت الاضاءه مغلقه , وقف اكثر من ساعتين وهو ينظر الى اتجاه النافذه ولكن مازالت الاضاءه مغلقه فسمع أذان الفجر ف راى والد "سوسن" يخرج من باب المنزل وراه فنده عليه :
- محمود .. محمود
تفاجئ "محمود" : ايوه يا حج
- انت واقف هنا فى حاجه ولا ايه
تحدث "محمود" متوترا : لا كنت ...كنت ...
راى والد "سوسن" تردد "محمود" : طيب انت رايح فى حته ؟
_لا كنت هروح السكن علشان عندى محاضرات الصبح و
- مينفعش تمشى قبل ما تصلى الفجر تعالى نصليه جماعه وندعى ربنا يصلح الاحوال
ادرك "محمود" ع الفور بأن والد "سوسن" علم بشئ وذلك من نبرتته ,ذهب "محمود" الى المسجد تؤضى وابتدت الصلاه وفى السجده الاولى لجاء الى الله نادما ردد دعاء " يارب انا مش عاوز من الدنيا غيرها اجعلها من نصيبى دى هى الل عايش علشانها يارب يارب "
عاد "محمود" الى السكن وكان فى انتظاره "كرم "
- ايه الل اخرك كده يا عم قلقتنى ..عديت عليك نرجع سوا قالولى مشيت بدرى قلت هلاقيك هنا ملقتكش روحت فين ولا حصل ايه و...
صمت "محمود" ملامحه البائسه الحزينه اخبرت "كرم" ما حدث : انت قولت ل "سوسن"؟
تنهد "محمود": نهيت خلاص وبكره هتكلم مع ابوها واقفل الموضوع
تحدث "كرم" متعجبا: هى "سوسن" رأيها كده ؟؟
اجاب "محمود" : انا الل راى كده لان دا الصح فى الموقف دا والظروف دى
اشتغل "كرم" غاضبا بسبب قرارات "محمود" الفرديه : يعنى انت فكرت وقررت ف انت شايف ان كده الصح .. الل عملته دا بتصرفك لوحدك اكبر غلط .. الصح يا "محمود" انك تشارك الل معاك فى قرارك وتوصلوا انتم الاتنين لحل يرضيكم ,, مينفعش طرف يفكر ويقرر لطرف التانى لان دا ظلم لطرف التانى وانت ظلمت "سوسن" لان دا قرار فى منتهى الانانيه منك لانك فكرت فى نفسك
_ لا فكرت فيها مش عاوزها تتبهدل معايا و ..
قاطعه "كرم" : انت سالتها هتقبلى وهتستحملى ولا لا .. انت سلبت منها حق الاختيار وجبرتها ع قرار انت لوحدك شايفه صح ودا منتهى الانانيه مينفعش علاقه بين اتنين يبقى شخص واحد هو صاحب القرار ,, القرار يكون من الاتنين لانها علاقتهم هما الاتنين مش علاقه فرديه ,, وبعدين مش تدى لنفسك فرصه تانيه وتكلم ابوك تانى و ...
قاطعه "محمود": اكلم مين يا "كرم" خلاص هو نسى ان عنده ابن اصلا من سنين من اول ما طردنى من البيت ولا فكر يبعتلى جنيه وامى كانت بتبعتلى من وراه سرقه زى الحراميه معان دا حقى فيه,انا مش محتاجه ف حاجه ومش عاوز منه حاجه خليه يفرح ويتجوز . و "سوسن" ربنا يعوضها بالاحسن
حاول "كرم" ان يتحدث ويهدى "محمود"ويجعله يتراجع عن قرار الانفصال ولكن "محمود" لم يعطيه فرصه واغلق الحديث وتركه وذهب الى الحمام وجلس "كرم" فى حيره وايدى مكبله لا يعرف ماذا يحدث وسيحدث ل "محمود" وهو يعلم جيدا مدى ارتباط "محمود" ب "سوسن " ...!
فى الصباح الباكر ذهبا كلا من "محمود" و "كرم" الى الكليه وكان "محمود"صامت لا يمزح مع اصدقائه كعادته واستمر ف التدخين سيجاره تلو الاخر حتى انه اهمل محاضراته , بعد انتهاء المحاضرات عادا الى السكن وبدلا ملابسهم وذهبا الى اعمالهم ,اول شئ فعله "محمود" عند دخوله الكافتيريا بحث عن "سوسن" فى جميع ارجاء المكان وتحدث الى الجميع وعلم انها لم تأتى اليوم فشعر بحزن وضيقه اقوى واقسى من الامس ,, مر بعض الوقت واتى الى الكافتريا والد " سوسن " وتوجه مباشر الى مكتبه .. استجمع "محمود" شجاعته وبعد برهه من الوقت اطرق ع الباب ودخل المكتب :
- السلام عليكم يا حج
- وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
- كنت عاوز حضرتك فى كلمتين دا لو فاضى ؟
ب ابتسامه هادئه : اتفضل يا "محمود" يا ابنى اتفضل
جلس "محمود" وهو فى قمه التوتر والقلق
- خير يا ابنى ف حاجه ؟
- احم احم .. كنت عاوز اتكلم معاك فى موضوع
- سامعك يا ابنى اتكلم
- انا من مده اتفقت معاك ع انى عاوز ارتبط ب "سوسن" رسمى بعد سنويه والدتى وحضرتك وافقت ع كده كتر خيرك وقلتلى هنعملها عائلى على قدنا
- ايوه ان شاء الله
- انا مش عارف اقولك ايه يا حج .. من غير لف ودوران انا مش هقدر انفذ وعدى معاك ومش هتستغل طيبتك عليا ومعاملتك ليا ك ابن ... انا بسحب كلامى وبعد أذنك انا هسيب الشغل هنا علشان مسببش احراج لحضرتك ولا ل "سوسن"
عدم وجود رد فعل من "ابو سوسن " لحديث "محمود" يجعله يشعر بعدم راحه ولم يجد كلمات اخرى يقولها فقام واقفا مكانه : واشوف وش حضرتك ع خير وبشكرك ع كل حاجه كويسه عملتها ليا ومعايا وردا لجمايلك اوعدك انى مش هضايق "سوسن" ولا هتشوفى تانى
-خلصت كلامك
- ايوه
شاور الحج اتجاه الباب : اتفضل وربنا يوفقك
استغرب "محمود" من هدوء والد " سوسن" وتقبله للموقف بدون ان يتحدث ..خرج "محمود" و بدل ملابسه واخد مستحقاته وذهب عند منزل "سوسن" وجلس ع قهوه المجاوره واستمر بالنظر الى نافذه غرفتها مر وقت ثم ذهب الى السكن وملامح وجهه متغيره لم يتحدث مع كرم وذهب الى النوم ....!
منذ ترك "محمود" العمل فى الكافتيريا استمر يبحث عن عمل اخر يتوافق مع مواعيد محاضراته وفى هذا الوقت غير حال " محمود " ولم يعلم ماذا يفعل "كرم " لصديقه ..
فى احدى الايام عاد "كرم" من الكليه متحدثا ل محمود : يلا البس وتعالى معايا
- ع فين ؟
- صاحب البنزينه قلتله عليك قالى هاته مش بتدور ع شغل يلا
ذهب كلا من "كرم" و"محمود" واستلم العمل ولكن استلامه لعمل اخر لم يحدث اى فرق ل "محمود" ومهما حاول "كرم" من ابهاج "محمود" يفشل,, مرت شهور ع هذا الحال وابتدت امتحانات اخر العام وانشغل كلاهما ف الامتحانات ومرت فتره الامتحانات واعلنت النتيجه بنجاحهم .. ولظروفهم العائليه لم يستطع كلا منهم العوده الى اهله فكان الحل ايجاد شقه ايجار ليقيموا فيها , ف ارسل والد "كرم" مبلغ من المال حتى يستأجر شقه فأ ستأجروا شقه واستمرا ف البحث عن وظيفه والعمل ف البنزينه مؤقتا ...!
مرت مده ونفذ "محمود" وعده ب انه لا يتحدث مع "سوسن" ولكنه كان يذهب الى منزلها ف الخفاء وينظر اليها من بعيد اشتياقا لها ..!
بعد ظهور النتيجه واستمرار بحث "محمود" و "كرم" ع وظيفه تتناسب مع شهاداتهم الجامعيه ... ارهقهم البحث وخصوصا عندما علما ان الاهم من الشهادات الجامعيه هى "الواسطه الاجتماعيه " يصاحبها مبلغ من المال .. وهما مفلسون كليهما ,, استمرا ف العمل فى محطه البنزين فكان "كرم" مسئول عن حسابات و"محمود" عامل فى المحطه مع باقى العمال ...!
فى يوم الاجازه ذهب "كرم" لزياره والده وكانت المسافه لا تبعد عن مكان سكنه ساعه .. ذهب الى منزل والده المريض وكما تعود لا يدخل منزل بدون جمل زياره سواء كانت فاكهه او حلويات فهذا من الذوق العام وليس من شروط الزياره , وقف " كرم" امام المنزل وملامح وجهه متغيره متخوفا من مقابله اخيه الاكبر "كمال " بعد وقوفه للحظات استجمع شتاته ورسم ابتسامه ودخل المنزل ورن الجرس الباب وفتح له الباب زوج اخيه " الهام "
_ "كرم" ازيك تعالى اتفضل
_ الحمد الله .. ازيك انتى يا الهام وولادك عاملين ايه و"كمال"
مالت اليه بصوت خافت : كمال مش هنا متقلقش لسه بدرى ع رجوعه من الوكاله الحاج مستنيك فى اوضته هيفرح اوى
اعطاها ما يحمل فى يديه : حاجه بسيطه
_ليه تكلف نفسك كده بس
- متقوليش كده
اخدت "الهام" الفاكهه واتجهت الى المطبخ ل استكمال الغداء واتجه "كرم" اتجاه غرفه والده واطرق الباب "تك..تك " ثم دخل :
_السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
راه والده ابتهج وب ابتسامه: وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته
ذهب "كرم" مسرعا الى حضن ابيه وضمه بشده : وحشنى "يا كرم" وحشنى اوى
_ وانت كمان يا حج
امسك "كرم" يد والده قبلها وقبل راسه وجلس بجانبه
_ عامل ايه يا حبيبى واخبارك مبسوط فى شغلك
_ والله يا حج الحمد الله اهو الموجود
بملامح حزن وضع الوالد يده ع يد ولده : متزعلش منى يا "كرم" انا عارف ان اخوك "كمال" كان معترض انك تكمل تعليمك وكان عاوزك تشتغل معاه ف المحل وتمردك عليه زعله منك وانت شايفنى لا حول الله ولا قوه المرض هدنى مش قادر اتحرك من مكانى ولا قدرت اقف ليه واصده عن طرده ليك من البيت و ...
وضع "كرم" يده ع يد ابيه : ياحج متقولش كده انت الخير والبركه ولولا القرشين الل بتبعتهملى مع الل بيطلعلى من البنزينه ماشيه الدنيا معايا وانا مش زعلان من "كمال" عارف مشكله "كمال" معايا والوقت هيهين كل حاجه المهم انت تخلى بالك ع صحتك ياحج
_ ربنا يكملك بعقلك يارب
_ ع فكره ياحج قلقتنى عليك لما قلتلى انك عاوز تشوفى ضرورى متقلقنيش عليك كده
_فكرتنى قبل ما "كمال" يرجع ..."كرم" انا كلمت واحد اعرفه كان زبون ليا فاتح مكتب استيراد وتصدير فى اسكندريه جهز نفسك تسافرله وان شاء الله هيكون ليك مكان شغل هناك معاه
_ياريت ياحج ..انا نفسى اشتغل بمؤهلى
_ان شاء الله خير
دخلت "الهام " : يلا يا بابا يلا يا "كرم" الغدا جاهز وكمال جه
ملامح وش "كرم" تغيرت ف امسك والده يداه وضغط عليها كمن يبلغه ان لا يقلق .. خرجا من الغرفه " كرم" ممسك ب يدى والده وجلسا ع طاوله الغذاء عم الصمت فى وجود "كمال " فبدء "كمال" الحديث" :
_ ياترى يا "كرم" عامل ايه فى شغلك فى البنزينه بشهادتك الل اخدتها
شعر "كرم" ب طريقه "كمال" ليستفزه ف اجاب بهدؤء : الحمد الله
استكمل "كمال" بطريقته المستفزه: مكنتش اعرف انك صممت انك تكمل علشان تشتغل فى بنزينه الل اى واحد معاه اعداديه يشتغلها
رد "كرم" بهدؤء :الحمد الله
حاولت "الهام" تغير جو المحيط: ايه رأيك يا "كرم" فى صينيه البطاطس عملتهالك مخصوص
رسم "كرم" ابتسامه: تسلم ايدك الاكل كله تحفه
استكمل "كمال" طريقته المستفزه ف الحديث دون النظر الى "كرم" : ربنا يخلى الحج البيت مفتوح بحسه ولولاه مكنتش هتقعد ع الكرسى دا .. ياريت ياحج تكون فرحان ب ابنك الل معاه بكالوريوس تجارة وهو شغال ف بنزينه دلواقتى ...
اقتربت منه "الهام" : كمال ... بلاش الكلام دا
شعر "كرم" بعدم الراحه فى المكان وسيطره "كمال" ع المنزل والغاء والده فشعر بعدم الراحه وقرر ان يذهب .. ترك "كرم" الاكل : تسلم ايدك يا الهام
_رايح فين .
نظر الى الساعه ف يده : هعدى ع واحد صاحبى هنا
_طيب اشرب الشاى
تدخل "كمال" :سبيه اكيد هو مستعجل
توجهه "كرم" الى والده وامسك يداه وقبلهم: مع السلامه ياحج
بملامح حزن وزعل : متزعلش منى يا ابنى
ابتسم "كرم " ونظر الى "كمال" : السلام عليكم
ذهب "كرم" اتجاه الباب وخرج فى هذه اللحظه نظر والده بنظره حزن الى "كمال" ثم انهى طعامه ودخل مره اخرى الى غرفته ...!
عاد "كرم"الى الشقه وجد "محمود" جالس بجوار النافذه ويدخن سيجارته وفى حاله شرود لم يشعر بوجوده فبدل ملابسه وذهب الى السرير فكان كلاهما مشغول بحياته ومافيها من مشاكل فلا يعلما ماذا الدنيا تخبى لهم غدا .. !
فى يوم طلب "كرم " اجازه وذهب الى الاسكندريه لمقابل الاستاذ " معوض" .. توجه الى العنوان وقابله واتفق معه ان يستلم الوظيفه من اول الشهر فحاول ان يجد وظيفه ل "محمود" ولم يستطع فكانت فرحته غير مكتمله فجلس فى قطار العوده يفكر ماذا يفعل لصديقه ,,اثناء تواجد "كرم" فى الاسكندريه كان " محمود" فى عمله فى البنزينه واثناء وقوفه ليملى خزان السيارات بالبنزين وجد سياره وقفت امامه وشخص بداخلها يطلب منه ان يملاها له ونظر الى من بجواره ففكانت " سوسن " من المفاجاءه شعر بالصدمه وكانت تنظر له نظره عتاب لبعده وتماسكه هكذا وعدم محاولاته ان يتحدث معها منذ انفاصلهم منذ شهور بعد لحظات انهى ملئ التنك : 15 جنيه
اعطاه ورقه ب 20 جنيه : خلى الباقى علشانك
نظر "محمود" الى ورقه ال20 جنيه نظره غضب ونظر الى "سوسن" فكانت عنياها مليئه بالدموع وبعد لحظات تحركت السياره واختفت .. فقبض بيده ع الورقه وبغضب دخل الى غرفه تغيير ملابس وشعر ب انقباض فى صدره ورمى ال 20 جنيه فى الارض ...!
عاد " محمود" الى الشقه فى حاله من الغضب والعصبيه وكان "كرم" جالس يقرا الجريده :
_ فى ايه مالك يا "محمود"
بنبره عصبيه وغاضبه : ل امتى الدنيا هتفضل تخبط فيا كده يا جدع ل امتى
تعجب "كرم" من لهجه "محمود" :فى ايه بس ... حد عملك حاجه فى الشغل حد ضايقك ؟
بملامح حزن : انا الل عملت فى نفسى يا "كرم" انا ... انا عشمت نفسى بحاجات مش هتحصل ..انا الل رسمت حياه مش ليا وعشت حلم وهو اصلا كابوس .. هو انا مدام مليش لازمه ومفيش حد عاوزنى جيت ليه ف الدنيا ها جيت ليه ...
شعر "كرم" بمدى حزن وتعب " محمود" فذهب اليه ورتب ع ظهره وحكى "محمود" ع الموقف الذى حدث فى البنزينه وما شعر به "محمود" من قسوه ووجع عندما راى " سوسن" مع اخر .. فى اثناء الليل بعد ما ذهب "محمود" الى النوم جلس "كرم" ينظر الى "محمود" يفكر ف وضع صديقه وكيف يستطيع مساعدته وهو يعلم مدى وجع الذى يشعر به صديقه ...!
فى اليوم التالى ذهبوا الى عملهم فى البنزينه وتحدث "كرم" مع صاحب البنزينه ليبلغه انه سيترك العمل وسينتقل الى الاسكندريه وطلب من صاحب البنزينه ان يسلم "محمود" مكانه فى الحسابات ويكون المسئول عنها وبعد محاولات من الاقناع والحاح من "كرم" وافق صاحب البنزينه وتحدث مع "محمود" واستعجب من موقف صاحب البنزينه اتجاهه ولم يعلم ان وراء هذا التغيير هو "كرم " ولكن ذلك اعطاءه بريق من الامل ب ان الحياه يحدث فيها الجديد عندما تضيق ,,وبعد مرور اسبوع وقبل سفر "كرم" الى الاسكندريه جلس مع "محمود" ع القهوه :
_مبسوط يا "حوده" بالشغل الجديد
ب ابتسامه: نوعا ما الحمد الله الواحد حس انها ابتدت تندع بس غريبه موقف الاستاذ" عبدالله" كان مكنش طايقنى وعاوز يمشينى فاجاءه كده يشغلنى امسك حسابات البنزينه مش مستوعبها ازاى دى
رسم "كرم" ملامح عدم المعرفه : ياعم فكك ربنا بيغير القلوب عادى المهم ان المرتب دا احسن كتير من الاول صح ولا..؟
_ اه جدااا.. الحمد الله مرتب محاسب احسن من مرتب عامل بنزينه حتى البرستيج يفرق
_ قصدك ايه ماانا كنت عامل بنزينه متقللش من حد
_ بهزر يا جدع الله المهم انت متروحش اسكندريه والبحر ياخدك منى وتختفى
_عيب عليك انا الاجازه الاسبوعيه هبقى ع قلبك وانت هتجيلى ولا ايه
_اكيد طبعا هنعوم ببلاش كمان
اطلقوا ضحكه عاليه ..ثم امسك "كرم" فنجان القهوه واخد رشفه منه ونظر الى "محمود" : مقولتليش ناوى تعمل ايه بعد كده يا حوده ؟
تنهد "محمود" : يعنى هعمل ايه عادى
: الخطوه الجايه ياعم الذكى هتعمل ايه دلواقتى ف وظيفه احسن ومرتب كويس بعدين ..؟
_ ولا حاجه
_ ايه دا ..انا كنت فاكر اول حاجه هتفكر فيها انك تروح تتقدم ل "سوسن"
اطلق "محمود" ضحكه موجعه: "سوسن" ماخلاص تلاقيها اتخطبت ياعم هى هتستنانى
بملامح غضب تحدث "كرم" : ايه لا المبالاه دى , انت جربت تكلمها بعد ما سبتوا بعض ... جربت تشوف حالتها عامله ازاى ... سالت عليها اتخطبت ولا لا انت بتنجم وانت حاطط رجل ع رجل
تعجب "محمود" من عصبيه "كرم": مالك كده وبعدين انا عاهدت ابوها ان انا مش هقرب ليها وانا بحترم كلامى
_ وعدته مش هتقرب ليها لكن تقرب لبيتهم عادى صح
_ انا عيل انى بحكيلك
_ بجد لدرجه دى هى مش فارقه معاك .. علشان كلمتين قلتهم ل ابوها خلاص تناسها
ابتسم "محمود" ابتسامه حزينه وعينيه امتلات بالدموع: انساها ... انساها ازاى وهى الوحيده الل حسستنى انا جيت الدنيا ليه "سوسن" متتنساش يا "كرم "
ب نبره تشجيع غمز له " كرم" : طيب احنا فيها اهو ..جرب تكلمها وروح كلم ابوها وعرفه الجديد بتاعك دا اكيد الوضع هيتغير ومتقلقش هى متخطبتش ولا بتاع والل شوفته معاها دا ابن خالتها ومتجوز ومعاها 4 عيال كمان و ...
شعر "كرم" انه اخطا ف الكلام واطلق السر بملامح استغراب نظر له " محمود " : انت عرفت كل دا ازاى
بلهجه تهته حاول ان يهرب "كرم" : اصل ... اصل .. ماانا قابلتها ف الشارع فى مره وسلمت عليها وهى قالتلى ...
نظر "محمود" ل " كرم" بعدم تصديقه :لا بجد
حاول "كرم" الهروب : المهم جرب تانى .. الل بيحب حد بيجرب تانى وتالت ورابع .. مدام هى لسه ولا اتخطبت ولا اتجوزت يبقى الامل موجود ومستنياك .. انت دلواقتى الوظيفه الل معاك اها مؤقته بس مرتبها كويس يعنى مش عاطل وزى ما لاقيت حاجه احسن هدورلك معايا وهتلاقى الاحسن منها ,هى خطوه بتجر خطوه مفيش حد بيقف مكانه ولو على الشقه ياعم هسيبلك الشقه الل احنا قاعدين فيها هى صغيره اوضه وصاله بس اسمها شقه واعتبريها بتاعتك وهنروح نغير عقد الايجار يكون ب اسمك ياعم واعتبرها هديه جوازك هتعوز ايه تانى انجز بدل ما تندم يا بروته
بملامح الصدمه والدهشه: "كرم" انت بتتكلم بجد
كرم بملامح ثقه وفرحه وضع يديه ع كتف "محمود" : وهكدب عليك ليه انا كده كده مسافر مش هكون قاعد معاك وهتكون فعليا قاعد لوحدك فى الشقه وبصراحه انا اخاف تلوث الشقه الشيطان يلعب ف دماغك وتقضيها فخلينا فى الحلال لان الحلال اجمل انجز ..
ابتسم "محمود" : انا الشيطان يلعب فى دماغى داانا الشيطان يقولى ياعمو
_ طيب يا عمو متعقدهاش انت وروح اتكلم مع ابوها وشوف هيقولك ايه ماشى
حماس وكلام " كرم" كان بالنسبه ل "محمود" ك الصدمه واتفاجئ بكميه المفاجاءات الغير متوقعه وبعد ما كان فقد الامل فى الاقتراب من "سوسن" شعر انها امه فى انتظاره ..!
لم يستطيع "محمود" الانتظار اكثر من ذلك فقد بعثت له الحياه فرصه لا يجب اضاعتها والاشارات السابقه تخبره بقرب الحدث الكبيره فما عليه الا اتاخذ القرار ,,اخد القرار وذهب الى الكافتيريا ورأته " سوسن" ونظر لها ب ابتسامه ثم نظر الى باب مكتب الكافتيريا واخد نفس واستجمع شتاته وكان نظرته ل سوسن زادت الثقه به طرق ع الباب ودخل المكتب :
_السلام عليكم
_وعليكم السلام ..اتفضل يا "محمود"
جلس "محمود" وهو ملئ بالتوتر والخوف من التصرف وبدون تفكير : بص يا حج انا هنجز معاك فى الكلام علشان وقتك انا دلواقتى ظروفى اتغيرت نوعا ما هى مش ل الاحسن اوى بس بقت احسن شويا ومع الوقت بأذن الله هتكون احسن وانا كنت عند وعدى معاك من اللحظه الل خرجت فيها من هنا اخر مره مشوفتش ولا اتكلمت مع "سوسن" لكن كل ما الوقت يعدى كل ما احس ان اهم حاجه نقصانى وانى لوحدى ..انا فعليا لوحدى يا حج مطلعتش من الدنيا دى بغير "كرم" صاحبى و "سوسن " هما العمودين الل بتسند عليهم واكمل حياتى ومقدرش استغنى عن حد فيهم .. انا الاول جيتلك وانت عارف ظروف العائليه كويس دلواقتى انا بطولى و اتمنى تعيد النظر انا فعلا مش قادر اعيش من غير "سوسن" ..
حالت حاله من الصمت واستمر والد " سوسن" بالنظر ل " محمود" اثناء حديثه ودون مقاطعته واسمتع اليه الى ما انتهى كلامه وشعر "محمود" بالصمت فقرر ان يذهب .. فقام واقفا : استاذن انا ياحج وهستنى ردك
استدار اتجاه الباب وقبل ان يفتحه ليخرج : انا موافق يا "محمود "
لم يستوعب "محمود" التصديق وتجمد مكانه للحظات ثم استدار ليرى ابتسامه مشرقه ع وجهه والد " سوسن " واستكمل كلامه: انا موافق ع خطوبتك ع "سوسن" وهى كمان موافقه لانها معتبرتش نفسها انفصلت عنك ومصدقتش كلامك بالانفصال والبركه ف السند بتاعك ..
حاول "محمود" يستجمع افكاره : سندى ...
_ تعالى اقعد وانا هفهمك
جلس "محمود " : وقت ما اتكلمت مع "سوسن " ومعايا بعدها ع طول "كرم" صاحبك جه هنا واتكلم معايا وعرفنى ظروفك وطلب منى اصبر عليك واديلك فرصه تثبت كلامك وفى ااقل من سنه وفى الوقت الل حددته معايا هتكون نفذت كلامك وطلب يتكلم مع "سوسن" واكدلها انك بتحبها وشاريها ومش عاوز تبهدلها ودا اثبتلى ان مفيش حد يستحق بنتى غيرك ... الفلوس احنا الل بنعملها وحياتنا احنا الل بنختارها وطريقنا بيبقى من قرارنا .. انت فكرت ف نفسك وف الل حواليك ودا يثبت ليك ولينا انك راجل بمعنى الكلمه وانا يشرفنى اكون حماك ...
سعاده "محمود" بكلام والد "سوسن" اشعره بسعاده غير متوقعه والاكثر من ذلك احساسه بجدعنه وشهامه "كرم" ب افعاله معه اكثر من كلامه وانه مع مرور الوقت اثبت انه السند وفى هذه اللحظه استأذن "محمود " وع وجهه ملامح السعاده والفرح وشعوره بمصالحه الدنيا له عما كانت تفعل وذهب مسرعا الى المنزل فوجد "كرم" فى انتظاره ... فتح "محمود" باب الشقه ودخل نظر الى "كرم" وبدون اى كلام شد "كرم وحضنه وبكى بغزاره .. اتفاجئ "كرم " : ايه فى ايه يا "محمود" ابو "سوسن" رفض ولا ايه مستحيل . ولا ...
نظر "محمود" الى "كرم" : انا لو عندى اخ من امى وابويا مش هيعمل معايا الل بتعمله دا يا "كرم "
شعر "كرم" بانه علم بكل ما فعله : متقولش كده يا "محمود"
_ تروح تتكلم مع "ابو سوسن" و"سوسن" واعرف انك اتكلمت مع استاذ "عبدالله " امسك مكانك وتسيبلى الشقه ليا لوحدى ... ليه كل دا
_ عيب عليك تقول كده يا جدع .. احنا مش مجرد اصحاب اتقابلنا صدفه وظروف جمعتنا احنا اخوات يا "محمود" انت حسستنى ان عندى ضهر وسند لما اطردت من البيت ولحقتنى قبل ما امشى ف طريق الضياع ومسكت ايديا ووجهتنى انت حسستنى انى مش لوحدى انت اخويا يا "محمود" اخويا ,,احنا ملناش فى الدنيا دى غير بعض
_ وانت النعمه الل ربنا بعتهالى ف الدنيا دى يا "كرم" بجد مش عارف اقولك ايه ؟
ضحك "كرم" بصوت عالى: بسرعه تلبس الدبل وتبقى عريس رسمى ونفرح بقى
وبسعاده وبنبره عاليه : وهنفرح بقى ....
__________________________
يتبع
لايك و رائيك

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق